الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه والصلاة والسلام على النبي العربي الأمين سيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، وسبحان الذي علم الإنسان مالم يعلم،،، وبعد: نبدأ حديثنا بمقولة الفيلسوف الفرنسي (بول فاليري (Paul Valery: "كل إنسان هو في طور التحول ليصبح آلة، لا بل الأصح هو أن الآلة هي التي بصدد تطورها لتتحول إلى إنسان". فقد اعتدنا على أن الإنسان هو من يتحكم بالآلة وأن هذه الأخيرة تخضع لتعليماته، إلا أننا نشهد اليوم تحولاً ديناميكاً عميقاً في طبيعة علاقة الإنسان بالآلة؛ بأنها أصبحت ذات قدرة على التكيف والتعلم واتخاذ القرارات دونما أية تعليمات بشرية إلى درجة الاستقلالية لتظهر إثر ذلك الأنظمة الذكية، كما في تطبيقات الذكاء الاصطناعي. ولدى تتبع المواكبة في شأن الولوج في منظومة الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) نجد التفاعل المتسارع الذي ينذر بعصر حديث قد يكون في الأغلب مرحباً به، وأقل ما ندلل به صدور نسخة الذكاء الاصطناعي من تطبيق (CHATGPT) والذي يمثل خطوة مهمة باتجاه ذكاء اصطناعي حقيقي، سيما أن ذلك يكسب الذكاء الاصطناعي وعياً تلقائياً من نظام محركات البحث ليصل لمرحلة الذكاء التلقائي (Spontaneous Intelligence). إذن آن الأوان لمواجهة المخاوف والتحديات والبحث والتدقيق في المسائل التي يتجاهلها الكثيرون إما خوفاً من التهديدات وإما اعتقاداً منهم أنه من المبكر البحث فيها، إلا أننا نرى أن الولوج في التكنولوجيا الحديثة وتسارعها وتناميها أصبح أمراً لا مفر منه، فحتماً علينا إعادة النظر وتطوير الثقافات الفكرية التي من شأنها أن تمكنا من المواكبة بمنأى عن المخاوف والاتجاه نحو الفائدة البشرية من التقدم التكنولوجي. ومن هذا المنطلق نحاول من خلال دراستنا هذه أن نحدد الطريقة التي تمكنا من التمييز بين الأشكال المختلفة للشخصيات القانونية والسعي لعقد المقارنة بينها وبين الكيانات الافتراضية، سيما أن هنالك العديد من الاعتبارات والتحديات التي تظهر لدى الحديث عن مسألة منح شخصية قانونية للذكاء الاصطناعي ككيان غير إنساني أو غير اعتباري وليس بكائن حي، حيث لا ننسى جانب التطورات المتسارعة التي قد تصل بنا إلى نشأة كيان مستقل ذاتي لا يخضع لتحكم الإنسان وليس له مالك أو مشغل. إلا أن ذلك الذكاء الاصطناعي كفكر متنامٍ ليس له شكل مادي على الرغم من حقيقة وجوده، وبناء عليه وجب علينا الأخذ بعين الاعتبار المسائل المتعلقة بالاعتراف بالشخصية القانونية عبر البحث عن تصور منطقي آمن بالاستناد لدراسة الشخصية القانونية لكيانات متنوعة كما في شخصية الإنسان والشخصية الاعتبارية للشركات أو الشخصيات المعنوية عموماً؛ فقد نجد التقارب أو التشاركية في الخصائص سعياً لطرح حلول أو توصيات أو دراسة استكشافية قد تسهم في رسم خارطة الطريق لتحديد التوجه في منح أو حجب الشخصية القانونية للذكاء الاصطناعي (AI). إذن قبل البحث في جوهر الدراسة يجب أن نسأل أنفسنا هل يجب أن نقدم على الاعتراف بالشخصية القانونية لكيان الذكاء الاصطناعي أم ينبغي حجب تلك الشخصية ولماذا؟ أم يجب البحث فقط عن شكل من أشكال الاعتراف الاجتماعية؟ فبذلك نطلق العنان للعصف الذهني ونقبل على دراسة هذا الموضوع بشغف وعناية واضعين الحقائق تحت المجهر قبل قبولها أو نبذها، سيما أن صناعة القرار سلاح ذو حدين قد يصيب أو يخيب ويرتب ذاك الأثر الاجتماعي، الاقتصادي والقانوني على وجه الخصوص. حيث نسعى من خلال هذه الدراسة لاستكشاف أهم القضايا القانونية المتعلقة في جانب الشخصية القانونية للذكاء الاصطناعي، ومدى إمكانية تحمله بالمسؤولية القانونية إثر ذلك. وعلى نحو آخر نجيب على عدد من التساؤلات التي تنبثق عن دراسة مدى الاعتراف بالشخصية القانونية، فمن ذلك: هل الشخصية القانونية مرتبطة بالصفات الإنسانية المتأصلة؟ هل تعتبر الشخصية الاعتبارية امتداداً للشخصية الإنسانية؟ هل الشخصية القانونية مرهونة بالإدراك والوعي والذكاء؟ هل عنصر الذكاء شرط لنهوض المسؤولية القانونية؟ هل عنصر الاستقلالية في الذكاء الاصطناعي يعد سبباً للتوجه نحو الاعتراف بالشخصية القانونية؟ هل هنالك تطبيقات نوعية للذكاء الاصطناعي تستحق الاعتراف بالشخصية القانونية؟ هل نستطيع القياس على الشخصيات المعترف بها قانوناً لتطبيقها على الذكاء الاصطناعي؟ هل هنالك تصور منطقي في شأن منح تلك الشخصية القانونية؟ وفي الواقع، نأمل من خلال هذه الدراسة إدراك الإجابات المنطقية ضمن أطر قانونية فاعلة، وبالنتيجة الخروج بتصور جلي حول الموضوع المطروح، وبذات الوقت الانتهاء إلى توصيات تسهم في تعزيز الإستراتيجيات والنهج المأمولة لرفد فقهاء
بخيت محمد الدعجة - من كتب الذكاء الاصطناعي - مكتبة كتب الهندسة والتكنولوجيا.
معلومات عن كتاب الشخصية القانونية للذكاء الاصطناعي:
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
وصف الكتاب : الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه والصلاة والسلام على النبي العربي الأمين سيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، وسبحان الذي علم الإنسان مالم يعلم،،، وبعد: نبدأ حديثنا بمقولة الفيلسوف الفرنسي (بول فاليري (Paul Valery: "كل إنسان هو في طور التحول ليصبح آلة، لا بل الأصح هو أن الآلة هي التي بصدد تطورها لتتحول إلى إنسان". فقد اعتدنا على أن الإنسان هو من يتحكم بالآلة وأن هذه الأخيرة تخضع لتعليماته، إلا أننا نشهد اليوم تحولاً ديناميكاً عميقاً في طبيعة علاقة الإنسان بالآلة؛ بأنها أصبحت ذات قدرة على التكيف والتعلم واتخاذ القرارات دونما أية تعليمات بشرية إلى درجة الاستقلالية لتظهر إثر ذلك الأنظمة الذكية، كما في تطبيقات الذكاء الاصطناعي. ولدى تتبع المواكبة في شأن الولوج في منظومة الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) نجد التفاعل المتسارع الذي ينذر بعصر حديث قد يكون في الأغلب مرحباً به، وأقل ما ندلل به صدور نسخة الذكاء الاصطناعي من تطبيق (CHATGPT) والذي يمثل خطوة مهمة باتجاه ذكاء اصطناعي حقيقي، سيما أن ذلك يكسب الذكاء الاصطناعي وعياً تلقائياً من نظام محركات البحث ليصل لمرحلة الذكاء التلقائي (Spontaneous Intelligence). إذن آن الأوان لمواجهة المخاوف والتحديات والبحث والتدقيق في المسائل التي يتجاهلها الكثيرون إما خوفاً من التهديدات وإما اعتقاداً منهم أنه من المبكر البحث فيها، إلا أننا نرى أن الولوج في التكنولوجيا الحديثة وتسارعها وتناميها أصبح أمراً لا مفر منه، فحتماً علينا إعادة النظر وتطوير الثقافات الفكرية التي من شأنها أن تمكنا من المواكبة بمنأى عن المخاوف والاتجاه نحو الفائدة البشرية من التقدم التكنولوجي. ومن هذا المنطلق نحاول من خلال دراستنا هذه أن نحدد الطريقة التي تمكنا من التمييز بين الأشكال المختلفة للشخصيات القانونية والسعي لعقد المقارنة بينها وبين الكيانات الافتراضية، سيما أن هنالك العديد من الاعتبارات والتحديات التي تظهر لدى الحديث عن مسألة منح شخصية قانونية للذكاء الاصطناعي ككيان غير إنساني أو غير اعتباري وليس بكائن حي، حيث لا ننسى جانب التطورات المتسارعة التي قد تصل بنا إلى نشأة كيان مستقل ذاتي لا يخضع لتحكم الإنسان وليس له مالك أو مشغل. إلا أن ذلك الذكاء الاصطناعي كفكر متنامٍ ليس له شكل مادي على الرغم من حقيقة وجوده، وبناء عليه وجب علينا الأخذ بعين الاعتبار المسائل المتعلقة بالاعتراف بالشخصية القانونية عبر البحث عن تصور منطقي آمن بالاستناد لدراسة الشخصية القانونية لكيانات متنوعة كما في شخصية الإنسان والشخصية الاعتبارية للشركات أو الشخصيات المعنوية عموماً؛ فقد نجد التقارب أو التشاركية في الخصائص سعياً لطرح حلول أو توصيات أو دراسة استكشافية قد تسهم في رسم خارطة الطريق لتحديد التوجه في منح أو حجب الشخصية القانونية للذكاء الاصطناعي (AI). إذن قبل البحث في جوهر الدراسة يجب أن نسأل أنفسنا هل يجب أن نقدم على الاعتراف بالشخصية القانونية لكيان الذكاء الاصطناعي أم ينبغي حجب تلك الشخصية ولماذا؟ أم يجب البحث فقط عن شكل من أشكال الاعتراف الاجتماعية؟ فبذلك نطلق العنان للعصف الذهني ونقبل على دراسة هذا الموضوع بشغف وعناية واضعين الحقائق تحت المجهر قبل قبولها أو نبذها، سيما أن صناعة القرار سلاح ذو حدين قد يصيب أو يخيب ويرتب ذاك الأثر الاجتماعي، الاقتصادي والقانوني على وجه الخصوص. حيث نسعى من خلال هذه الدراسة لاستكشاف أهم القضايا القانونية المتعلقة في جانب الشخصية القانونية للذكاء الاصطناعي، ومدى إمكانية تحمله بالمسؤولية القانونية إثر ذلك. وعلى نحو آخر نجيب على عدد من التساؤلات التي تنبثق عن دراسة مدى الاعتراف بالشخصية القانونية، فمن ذلك: هل الشخصية القانونية مرتبطة بالصفات الإنسانية المتأصلة؟ هل تعتبر الشخصية الاعتبارية امتداداً للشخصية الإنسانية؟ هل الشخصية القانونية مرهونة بالإدراك والوعي والذكاء؟ هل عنصر الذكاء شرط لنهوض المسؤولية القانونية؟ هل عنصر الاستقلالية في الذكاء الاصطناعي يعد سبباً للتوجه نحو الاعتراف بالشخصية القانونية؟ هل هنالك تطبيقات نوعية للذكاء الاصطناعي تستحق الاعتراف بالشخصية القانونية؟ هل نستطيع القياس على الشخصيات المعترف بها قانوناً لتطبيقها على الذكاء الاصطناعي؟ هل هنالك تصور منطقي في شأن منح تلك الشخصية القانونية؟ وفي الواقع، نأمل من خلال هذه الدراسة إدراك الإجابات المنطقية ضمن أطر قانونية فاعلة، وبالنتيجة الخروج بتصور جلي حول الموضوع المطروح، وبذات الوقت الانتهاء إلى توصيات تسهم في تعزيز الإستراتيجيات والنهج المأمولة لرفد فقهاء